تخيل أن تُسلب منك أعظم فكرة في التاريخ: فكرة الأمة الواحدة.
وتُقنع بأن الأشجار والحجارة والرمال والأسلاك الشائكة هي “الوطن”،
وأن تموت دفاعًا عن حدود وهمية رسمها قلم الإنجليزي مارك سايكس والفرنسي جورج بيكو فوق خريطة بينما العرب يهللون لنهاية الخلافة!
كل حظيرة لها علم ملوّن، بطاقة هوية، جنسية، عرق، ولهجة..
ثم زرعوا فينا أن القتال لأجل هذه الحظائر “شرف”،
وأن من يعبر هذه الأسلاك الوهمية عدوّ يستحق الموت،
وأن “شهيد الوطن” سيدخل الجنة، لا لأنه دافع عن دينه، بل لأنه دافع عن حدود اخترعها المستعمر.
وهكذا، أصبح المصري يسخر من السوداني،
والسعودي يخاصم القطري،
والمغربي يعادي الجزائري…
مع أن الدين واحد، واللغة واحدة، والتاريخ مشترك.
💥 100 عام من التيه
اتفاقية سايكس–بيكو لم تكن تقسيمًا للأرض فقط،
بل كانت اغتصابًا للفكر:
فبدل أن يكون الولاء لله ورسوله ولأمة الإسلام،
صار الولاء لأرض مُسيّجة وعلم مرسوم على ورق!
ضحكوا علينا بقولهم إن الاتفاقية مدتها مئة عام،
لكنها في الحقيقة زُرعت في عقولنا لتبقى للأبد.
صرنا نخاف سقوط هذه “الخرائط” أكثر مما نخاف على ديننا!
صورة من الماضي العظيم
تخيّل مشهد النبي ﷺ واقفًا شامخًا أمام جيشه:
فيه العربي والأعجمي، القرشي والأوسي، الفارسي والرومي، الأبيض والأسود..
جيش لا يعرف الحدود، ولا يعترف بالهويات المصطنعة.
وتأمل كيف كنا يوم كان عمر بن الخطاب يحكم 22 دولة من المدينة،
وكيف امتدت جيوش الوليد من سور الصين شرقًا حتى جنوب فرنسا غربًا،
وكيف دوّى صدى هارون الرشيد في ثلاثة أرباع آسيا،
وكيف رد المعتصم على استغاثة امرأة بهدم عمورية،
وكيف حطّم صلاح الدين الصليبيين وحرر القدس،
وكيف أوقف قطز زحف المغول وأنقذ العالم،
وكيف مزّق العثمانيون أعظم إمبراطورية صليبية وأدخلوا نصف أوروبا تحت راية الإسلام.
كل هذا دون جواز سفر، دون فيزا، دون حدود.
من قرطبة إلى بغداد، ومن المغرب إلى مكة..
كنا أمة واحدة.
فلْتسقط سايكس–بيكو!
فلتسقط الحدود التي صنعها المستعمر،
ولتسقط الرايات التي فرّقتنا،
ولتسقط العبودية للوطن الوهمي!
حبسونا داخل الأسلاك الشائكة، بينما فتحوا هم حدودهم لمواطنيهم.
صاروا كأمة واحدة، بينما نحن أمم متفرقة.
لكننا نعرف الحقيقة: الوطن ليس حدودًا، الوطن هو الأمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق