📌 اول قمة عربية يعني أول خيانة عربية للعرب والمسلمين
صورة مؤتمر الكويت وهو أول قمة عربية رسمية يوم 23 نوفمبر 1916 خلال الحرب العالمية الأولى، والذي جاء لمساعدة بريطانيا في غزو العراق.
في الصورة النادرة التي خُلِّدت لذلك اليوم، يظهر الملك عبد العزيز آل سعود أمير نجد حينها، وإلى جانبه خزعل الكعبي أمير الأحواز أو عربستان (شيعي)، وأمير الكويت جابر بن مبارك الصباح، وإلى جوارهم الحاكم البريطاني للخليج العربي اليهـ.ــودي السير بيرسي كوكس، ومستشارته الجاسوسة البريطانية جيرترود بيل، التي عُرفت في الوثائق البريطانية بلقب “صانعة ملوك الخليج”.
شهد المؤتمر حضور ما يقرب من 100 شخصية خليجية عربية بين أمراء وزعماء وشيوخ قبائل، من بينهم شيوخ من قبائل مطير والظفير والعجمان وغيرهم.
دعت بريطانيا لعقد هذا المؤتمر، أمّا الهدف الحقيقي للاجتماع — كما وثّقته الوثائق البريطانية لاحقًا — فكان مساعدة بريطانيا في غزو العراق ومحاربة الخلافة العثمانية، بعدما تكبّد الجيش البريطاني هزيمةً ساحقة في معركة كوت العمارة (1916)، التي أُسر فيها العثمانيون آلاف الجنود والضباط والجنرالات الإنجليز، وأثبتوا صلابة دفاعهم عن العراق. فيما رفض شيعة الجنوب التعاون مع المحتل قبل ظهور نظرية الولي الفقيه في إيران، وأصدر علماؤهم فتاوى بالجها.د إلى جانب الخلافة ضد الكفا.ر، كما قاتلت القبائل العربية السنية في العراق إلى جانب العثمانيين.
وفي هذا المؤتمر وزّع “بيرسي كوكس” الأدوار على النحو التالي:
1. عبد العزيز آل سعود أمير نجد وسيصبح فيما بعد ملك السعودية : كُلّف بقطع خطوط الإمداد العثمانية في عمق الصحراء، وإشغال إمارة آل رشيد الموالية للعثمانيين في حائل بالحروب والاشتباكات لمنعها من مساندة الجيش العثماني في العراق أو نجدته عند الحاجة.
2. خزعل الكعبي، أمير الأحواز : تولّى مهمة تقديم المعلومات الاستخباراتية حول تحركات الجيش العثماني وشيعة العراق، بالإضافة إلى فتح أراضيه للجيش البريطاني، ومنع العثمانيين من استخدام أرضه في تطويق الجيش البريطاني، ومنع شيعة الأحواز من الإغارة على الإنجليز. رغم خدماته ستكافئه بريطانيا بعدها بتسليم بلاده للفرس الإيرانيين كما سلمت مملكة الشريف حسين بالحجاز لال سعود .
3. جابر بن مبارك الصباح، أمير الكويت : إلى جانب استضافته للمؤتمر، كانت أرضه مركزًا لتمركز القوات البريطانية القادمة من البحرين، وقد قدّم معلومات استخباراتية مفصلة عن مواقع العثمانيين في العراق، وتعهد بالتزامه بتسهيل عمل القوات البريطانية القادمة من البحرين حتى انطلاقها من الكويت نحو العراق.
بعد توزيع المهام، أكّد جميع الحاضرين ولاءهم الكامل لبريطانيا، وتعهدوا بمساندتها ضد الخلافة العثمانية.
بل إن المؤتمر لم يخلُ من نقاشاتٍ بلا خجل حول حجم الرشاوى والمكافآت المالية التي سيحصل عليها كل حاكم وشيخ قبيلة مقابل خدماته العسكرية والسياسية للإنجليز.
ولضمان تنفيذ تلك المهام، حلّ السيد “بيرسي كوكس” المشكلات العالقة بين حكام الخليج وشيوخ تلك القبائل، واتفق معهم على إمدادهم بما يكفي من الأسـ.ــلحة والذخـ.ــائر لاستخدامها ضد المسلمين العثمانيين المدافعين عن العراق.
أمّا الشريف حسين بن علي، أمير مكة، الذي كان قد بدأ تحالفه مع البريطانيين للتحضير لما سُمّي لاحقًا الثورة العربية الكبرى، فقد غاب عن المؤتمر، لكنه أرسل رسالةً أعلن فيها تأييده الكامل والمطلق لكل قراراته، وعبّر عن استيائه من عدم دعوته للمشاركة، في الوقت الذي أبدى فيه استعداده لتنسيق الجهود مع الحاضرين في مواجهة العثمانيين.
وهكذا، خرج مؤتمر الكويت بقراراتٍ ومهام ميدانيةٍ مكّنت بريطانيا من إعادة تنظيم قواتها في الخليج، وفتح جبهاتٍ جديدة ضد العثمانيين. وبعد أقل من أربعة أشهر، نجحت الحملة البريطانية في احتلال بغداد في 11 مارس 1917م، بعد سقوط أكثر من مئة ألف قتيل مسلم في الدفاع عن أرض العراق.
لقد كان مؤتمر الكويت 1916 لحظة مفصلية في تاريخ المنطقة، ليس لأنه أول لقاء عربي رسمي فحسب، بل لأنه أول اجتماع لتقسيم الولاءات العربية خدمةً للمحتل الأوروبي. ومنه بدأت مرحلة جديدة من التبعية السياسية التي ستصوغ مستقبل الخليج لعقودٍ طويلةٍ قادمة.
ومنذ ذلك الحين والقمم العربية تُعقد، ومخرجاتها كلها في خدمة الإنجليز والأمريكان والص.هيو.نية العالمية.
---
📚 المصادر:
1. عبد العزيز الراشد، تاريخ الكويت السياسي، دار قرطاس، الكويت.
2. محمد الأحمري، الأحواز العربي: قراءة في التاريخ والسياسة، مركز الراية للدراسات.
3. Gertrude Bell, The Arab of Mesopotamia , London, 1917.
(يتناول بالتفصيل علاقة بريطانيا بالحكام العرب خلال الحرب العالمية الأولى، ومنه مؤتمر الكويت.)
@إشارة

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق