🔻
إنقلاب بوركينافاسو العسكري كمثال حي
في عام 1983، تولّى توماس سانكارا رئاسة بوركينا فاسو، حاملاً مشروعًا ثوريًا يهدف إلى تحرير البلاد من التبعية الاقتصادية والسياسية للغرب، خاصة فرنسا. رفض سانكارا الخضوع للهيمنة الفرنسية، وأطلق سياسات جذرية لإعادة توزيع الثروة على الشعب ، ومحاربة الفساد.
في إحدى اللقاءات مع ممثلين فرنسيين، حضر سانكارا وهو يحمل مسدسه ووضعه على الطاولة ، في رسالة واضحة بأنه لا يخضع للإملاءات الخارجية . هذا التصرف أثار استياء الدبلوماسيين الفرنسيين، الذين اعتبروا ذلك تحديًا لهيبتهم .
📌 لكن... الغرب لا ينسى من يعادي مصالحه، ولا يرحم من يجرؤ على الخروج عن بيت الطاعة.
بدأت المخابرات الفرنسية العمل على تدمير هذا النموذج التحرري من الداخل، فحاولت استمالة أقرب الناس إليه: بليز كومباوري ، صديقه ورفيق طفولته ورفيقه في الثورة. رفض في البداية... فتم اللجوء إلى أسلوب خبيث: زرع الغيرة والكراهية.
🔹 كانت التعليمات الفرنسية للدول الإفريقية الحليفة:
حين يزوركم سانكارا وكومباوري سويًا، عامِلوا سانكارا كرئيس عظيم، ضعوه في جناح فخم، واستقبلوه بمراسيم كاملة... أما كومباوري؟ فضعوه في غرفة عادية، وتجاهلوه تمامًا!
لكن إن زاركم كومباوري وحده؟ فاجعلوه في أعلى منزلة، وامدحوه، وأخبروه بأنه أحق بالحكم من سانكارا!
⏳ بالتوازي، كانت الإشاعات تُنشر داخل بوركينا فاسو:
"سانكارا يُقصي رفاقه ليُقرّب أقاربه!"
"كومباوري يطمع في الحكم!"
"الرئيس لم يعد يثق في صديقه!"
حتى دُفعت العلاقة إلى حافة الانهيار.
ثم... حصل الانقلاب.
ففي يوم الخميس 15 أكتوبر 1987، تلقّى الرئيس توماس سانكارا دعوة لحضور اجتماع عادي في مقر المجلس الوطني للثورة في العاصمة واغادوغو، مقر الرئاسة، تمام الساعة 4:30 مساءً.
وصل الرئيس سانكارا و12 من كبار مساعديه ورفاقه في الثورة لمكان الإجتماع و كان المبنى غير محصّن بشكل كبير، حيث اعتاد سانكارا أن يعيش ببساطة، دون حراسات مشددة أو مظاهر تعظيم.
بينما كان الاجتماع يوشك أن يبدأ، وصلت مجموعة من الجنود المسلحين بقيادة جندي يُعرف باسم "جيلبير دينديري"، الذراع اليمنى لبليز كومباوري. هؤلاء لم يأتوا للسلام... بل جاؤوا لاغتيال رئيس البلاد.
دخل الجنود المبنى بلا مقاومة تذكر، لأن الحراس لم يظنوا أنهم غرباء. ثم أطلقوا النار فورًا على من في الداخل.
تم جاء كومباوري و أطلق الرصاص على صديقه، صديق الطفولة والثورة، وقتل سانكارا بدمٍ بارد ، برصاصات متعددة في صدره، وقُتل معه 12 من مرافقيه. ثم تم تشويه الجثث ودفنها سريعًا في قبر جماعي دون جنازة رسمية.
في نفس اليوم، أعلن بليز كومباوري على الإذاعة الوطنية استيلاءه على الحكم، مبررًا الانقلاب بـ"انحراف سانكارا عن مبادئ الثورة"، وأن البلاد كانت بحاجة إلى "تصحيح".
فهل احتجت باريس؟
كلا. بل على العكس، بعد ساعات فقط من تولّي كومباوري الحكم، سارعت باريس إلى الاعتراف به كـ"رئيس شرعي"، وفتحت معه القنوات السياسية والاقتصادية دون تحفظ.
⚠️ وهذا ليس استثناءً.
إن كل الدول الغربية، فرنسا وأمريكا على رأسها، تدّعي دعم الديمقراطية فقط عندما تكون النتائج في صالحها . أما إذا جاء حاكم مستقل ، حرّ، يرفض الهيمنة؟ سيتحول فورًا إلى "مارق"، "ديكتاتور"، "خطر على الاستقرار"!
📌 أمريكا أسقطت عشرات الحكومات الشرعية عبر التاريخ:
– أطاحت بحكومة مصدّق في إيران عام 1953
– دعمت انقلاب بينوشيه الدموي في تشيلي 1973
– موّلت الحروب والانقلابات في نيكاراغوا، وهايتي، والسلفادور
– أسقطت حكومة لومومبا في الكونغو بمساعدة بلجيكا
الغرب لا يُعادي "الديكتاتوريات"...
الغرب يُعادي الديكتاتوريات التي لا تخدم مصالحه .
أما إن كنت طاغيةً ينهب شعبه ويُرسل ثروات بلاده إلى البنوك الأوروبية؟
فستحصل على لقب "حليف استراتيجي".
وإن خرج شعبك للثورة؟ سيتهمونهم بالإر..هاب.
أما الحقيقة التي لا تُقال في الإعلام:
بؤس الدول الفقيرة ليس نتيجة أخطائها فقط... بل نتيجة مباشرة لنهب مستمر منذ قرون من طرف الإمبراطوريات الغربية.
هم يعيشون برفاهية... لأننا نُحرم من رغيف الخبز.
لا تعش أوهام الحياد الغربي، فمصطلحات مثل "حرية"، و"ديمقراطية"، و"حقوق"...
مجرد أسلحة ناعمة في معركة الهيمنة.
#منقول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق